فيجيبهم الرؤساء: بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ أي لم تؤمنوا قط حتى ننقلكم من الإيمان إلى الكفر، بل كنتم على الكفر وألفتموه. ولم يكن لنا عليهم سلطان وقهر وحجة في ترك الحق، بل كنتم قوما ضالين متجاوزين الحد، فوجب علينا وعليكم قول ربّنا، فكلنا ذائقو العذاب، كما أخبر الله على ألسنة الرسل:
لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة ٣٢/ ١٣].
وقالوا أيضا: لقد أغويناكم وأضللناكم، أي زينا لكم ما كنتم عليه من الكفر، إنا كنا غاوين بالوسوسة والاستدعاء.
٦- ثم أخبر الله تعالى عنهم: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ أي يكون القادة والأتباع جميعا في نار جهنم، سواء الضال والمضل، كل بحسبه.
٧- إن مقتضى العدل الإلهي والسنن الرباني أن يعاقب المجرمون المشركون على جرمهم العظيم، وهو إنكار الوحدانية والاستكبار عن كلمة التوحيد، وتكذيب الرسل، أو التكذيب بالتوحيد، والتكذيب بالنبوة.
وقد صدر منهم الأمران جميعا، أما إنكار التوحيد ففي قوله تعالى: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ: لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ، يَسْتَكْبِرُونَ وأما تكذيب الرسل فهو في قوله سبحانه: وَيَقُولُونَ: أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ أي لقول شاعر مجنون، فجمعوا بين إنكار الوحدانية وإنكار الرسالة.
فردّ الله عز وجل عليهم بقوله: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ أي إن الرسول ص جاء بالقرآن والتوحيد، وصدّق الأنبياء المرسلين قبله فيما جاؤوا به من التوحيد ونفي الشريك.