وَاللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ أي والله يحكم بالحكم العادل، فيجازي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة، ويجازي كل أحد بما يستحقه من خير أو شر.
وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ، إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ أي والذين يعبدونه من الأصنام من غير الله، لا يتمكنون من القضاء بشيء، أي فلا يحكمون بشيء، ولا يملكون شيئا، لأنهم لا يعلمون شيئا، ولا يقدرون على شيء، فالذي تجب عبادته هو القادر على كل شيء، ولا يخفى عليه شيء، فإن الله سميع لأقوال خلقه، بصير بأفعالهم، فيجازيهم عليه يوم القيامة.
وهذا وعيد لهم على أقوالهم وأفعالهم وأنه يعاقبهم عليه، وتصريح بعدم جدوى عبادة الأصنام والأوثان والأنداد وغيرها من المعبودات، وتهكم بهم، لأن ما لا يوصف بالقدرة لا يقال فيه: يقضي أو لا يقضي.
هذه موجبات التخويف من عذاب الآخرة، ثم خوفهم الله تعالى بعذاب الدنيا، فقال:
أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ، فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ، كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ، فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ، وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ أي أرشدهم الله تعالى إلى الاعتبار بغيرهم، والمعنى: أفلم يمش هؤلاء المكذبون برسالتك يا محمد، فينظروا مآل حال الذين مضوا من الكفار المكذبين بالأنبياء، وما حل بهم من العذاب والنكال، مع أنهم كانوا أشد قوة من هؤلاء الحاضرين من كفار مكة وأمثالهم، وأبقى آثارا في الأرض، بما عمروا فيها من الحصون والقصور، وأقاموا من المدن والحضارات.
فأهلكهم الله بسبب ذنوبهم ومعاصيهم، وما كان لهم من دافع يدفع عنهم العذاب، وللكافرين أمثالها. وهذا تحذير واضح للكافرين في كل زمان بما حل بالأمم الغابرة.


الصفحة التالية
Icon