مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لم يسم فرعون، وذكر وصفا يعمه وغيره لتعميم الاستعاذة بحيث تشمل فرعون وغيره من الجبابرة، ولاستخدام طريقة التعريض التي هي أبلغ. والتكبر: الاستكبار عن الإذعان للحق، وهو أقبح استكبار لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ ذكر هذا لأنه إذا اجتمع في الرجل التجبر والتكذيب بالجزاء وقلة المبالاة بالعاقبة، استكمل وصف القسوة والجرأة على الله وعلى عباده.
المناسبة:
لما سلّى الله تعالى رسوله بذكر عاقبة الكفار الذين كذبوا الأنبياء قبله وبمشاهدة آثارهم، سلاه أيضا بذكر قصة موسى عليه السلام التي دلت على أنه مع قوة معجزاته، كذبه فرعون وهامان وقارون، وقالوا عنه: هو ساحر كذاب.
ولكن في النهاية انتصر عليهم، وتلك بشارة لنبينا ص بأن العاقبة والنصرة له في الدنيا والآخرة، كما جرى لموسى بن عمران عليه السلام.
التفسير والبيان:
وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ أي تالله لقد أرسلنا موسى بالمعجزات التي هي الآيات التسع كاليد والعصا، وبحجة بينة واضحة وبرهان قوي.
إِلى فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَقارُونَ، فَقالُوا: ساحِرٌ كَذَّابٌ أرسلنا موسى إلى فرعون ملك مصر، وهامان وزيره، وقارون أغنى أهل زمانه، فقالوا عنه: إنه ساحر مخادع مجنون مموه، كذاب فيما زعم أن الله أرسله، كما قال تعالى: كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ. أَتَواصَوْا بِهِ، بَلْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ [الذاريات ٥١/ ٥٢- ٥٣].
وخص هؤلاء الطغاة بالذكر، لأنهم رؤساء المكذبين بموسى، وغيرهم تابع لهم. وشأن الجبابرة عدم الإصغاء للحجة والمنطق واللجوء إلى القوة، كما قال