٢- وهذا المنهج هو ما عرف عن قصة موسى عليه السلام مع فرعون وقومه، أيده الله بالمعجزات وهي الآيات التسع المذكورة في قوله تعالى: وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ [الإسراء ١٧/ ١٠١]. وكان ابتلاء الله موسى برؤوس الطغيان والكبرياء وهم فرعون الملك، وهامان الوزير، وقارون صاحب الأموال والكنوز الذي اتفق مع فرعون وهامان في الكفر والتكذيب، فلما عجزوا عن معارضته بالحجة، وأبوا الإذعان للمنطق، وصفوا المعجزات بالسحر، ووصفوه بالكذب.
٣- وزاد طغيان فرعون، وامتد إلى القتل الجماعي لبني إسرائيل، وإبادة الأولاد الذكور بعد الولادة، وإبقاء النساء أحياء للإذلال والخدمة والإهانة، لئلا ينشأ الأطفال على دين موسى، فيقوى بهم، وتلك عودة منه إلى عادته القديمة بارتكاب هذه المنكرات.
قال قتادة: هذا قتل غير القتل الأول، لأن فرعون كان قد أمسك عن قتل الولدان بعد ولادة موسى، فلما بعث الله موسى، أعاد القتل على بني إسرائيل عقوبة لهم، فيمتنع الإنسان من الإيمان، ولئلا يكثر جمعهم، فيعتضدوا بالذكور من أولادهم، فشغلهم الله عن ذلك بما أنزل عليهم من أنواع العذاب، كالضفادع والقمّل والدم والطوفان، إلى أن خرجوا من مصر، فأغرقهم الله تعالى.
٤- تحقق نصر الله تعالى لموسى عليه السلام، وأحبط مكائد فرعون وقومه، وجعل مكرهم في خسران وضياع، فإن الناس لا يمتنعون من الإيمان، وإن فعل بهم مثلما فعل فرعون أو أشد.
٥- عزم فرعون أيضا على قتل موسى غير مبال ببطش الله وقوته، وأبان لقومه السبب الموجب لقتله وهو أن وجوده يؤدي إلى أحد أمرين أو كليهما: إما فساد الدين أو فساد الدنيا. والمراد بالدين: هو عبادة فرعون والأصنام،