فإتمام حوائج الأرض ومتطلباتها في أيام أربعة كاملة لأجل السائلين، أي الطالبين للأقوات المحتاجين إليها، أو جوابا على سؤال السائلين القائلين بطبيعتهم: في كم خلقت الأرض وما فيها؟ وإنما قال: سَواءً للدلالة على أن تلك الأيام الأربعة كانت متساوية غير مختلفة. وتخصيص الأرض بالأنواع الثلاثة: الرواسي والبركة وتقدير الأقوات إشارة إلى الاعتناء بأمر المخاطبين، فكان الأجدر بهم ألا يحصل منهم كفر أو شرك.
ثم ذكر الله تعالى خلق السماء، فقال:
ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ، وَهِيَ دُخانٌ، فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ: ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً، قالَتا: أَتَيْنا طائِعِينَ أي ثم عمد وقصد وتوجه توجّها كاملا إلى السماء حسبما تقتضي الحكمة، وهي كتلة غازية مظلمة تشبه الدخان أو السحاب أو السديم (وهو عالم السديم في اصطلاح العلماء) فأمر بأن تكون بشمسها وقمرها ونجومها، كما أمر بتكوين ما في الأرض من أنهار وثمار ونبات، فتمّ خلقهما، وأتت السماء والأرض منقادتين خاضعتين للأمر الإلهي طائعين أو مكرهين. وهذا هو المراد بقوله تعالى لتلك العوالم السماوية والأرضية: ائتيا طائعتين أو كارهتين، فأجابتا بقولهما: أتينا طائعين. قيل: إن خلق السموات وما فيها تمّ في يوم الخميس والجمعة. وفائدة قوله تعالى: فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ.. إظهار كمال القدرة والتقدير.
قال ابن عباس في تفسير هذه الآية: فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ..: قال الله تبارك وتعالى للسموات: أطلعي شمسي وقمري ونجومي، وقال للأرض:
شققي أنهارك، وأخرجي ثمارك، قالتا: أتينا طائعين.
وبه يتبين أن قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ، فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً.. هو كناية عن إيجاد السماء والأرض. وإنما