وَقَيَّضْنا لَهُمْ قُرَناءَ، فَزَيَّنُوا لَهُمْ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ أي وسلّطنا عليهم قرناء من شياطين الإنس والجن، فحسّنوا لهم أعمالهم في الماضي والمستقبل، وزيّنوا لهم ما بين أيديهم من أمور الدنيا وشهواتها، وأغروهم بالمعاصي، وزينوا لهم ما خلفهم من أمور الآخرة، فقالوا: لا بعث ولا حساب، ولا جنة ولا نار، فلم يروا أنفسهم إلا محسنين، كما قال تعالى: وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ، نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ. وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ، وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ [الزخرف ٤٣/ ٣٦- ٣٧].
وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ، إِنَّهُمْ كانُوا خاسِرِينَ أي وثبت لهم العذاب في جملة أمم كافرة مضت على الكفر قبلهم، فعلوا كفعلهم من الجن والإنس، فوجب لهم العذاب نفسه، وإنهم كانوا وإياهم متساوين في الخسارة والدمار، بتكذيبهم وسوء أفعالهم، ولم يربحوا شيئا.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى الأحكام التالية:
١- يجمع الكافرون جمعا واحدا يوم القيامة، فيحبس أولهم على آخرهم حتى يجتمعوا، ثم يساقون ويدفعون جميعا إلى جهنم.
٢- إذا جاؤوا إلى النار شهدت عليهم جوارحهم وأسماعهم وأبصارهم وجلودهم، وهي الجلود المعروفة بأعيانها في قول أكثر المفسرين. وكيفية الشهادة: أنه تعالى يخلق الفهم والقدرة والنطق فيها، فتشهد كما يشهد الرجل على ما يعرفه، وهذا هو الظاهر المناسب للآية بعدها، وقيل: أن يظهر على تلك الأعضاء أمارات وأحوال تدل على صدور تلك الأعمال من الإنسان.
٣- يتعجب الكفار من شهادة أعضائهم عليهم، فيسألونهم: لم شهدتم علينا، وإنما كنا نجادل عنكم؟ فيجيبون: أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء،


الصفحة التالية
Icon