الاستقامة من الثبات على الإيمان، وإخلاص العمل، وأداء الفرائض فجزئياتها. وقوله ثُمَّ للتراخي عن الإقرار بالربوبية في المرتبة والفضل، من حيث إن الإيمان مبدأ الاستقامة تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا بما يشرح صدورهم ويدفع عنهم الخوف والحزن، أو تتنزل بالبشرى في ثلاثة مواطن: عند الموت، وفي القبر، وإذا قاموا من قبورهم بألا تخافوا ولا تحزنوا، لا تخافوا من الموت وما بعده، ولا تحزنوا على ما خلّفتم من أهل وولد، ونحن نخلفكم فيه، والخوف:
غم يطرأ على النفس لتوقع مكروه في المستقبل، والحزن: غم يطرأ على النفس لفوات نفع في الماضي.
أَوْلِياؤُكُمْ
أعوانكم في شؤونكم، نحفظكم ونوفقكم لما فيه الخير، ونلهمكم الرشد والحق فِي الْحَياةِ الدُّنْيا
بدل ما يفعل الشيطان بالكفرة وَفِي الْآخِرَةِ
بالشفاعة والكرامة حتى تدخلوا الجنة، وحيثما تتعادى الكفرة وقرناؤهم وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ
من اللذائذ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ
تتمنون وتطلبون، مأخوذ من الدعاء بمعنى الطلب، وهو أعم من الأول نُزُلًا ما أعدّ لهم من الجزاء الحسن، وأصل النزل: الطعام المعدّ للضيف.
سبب النزول: نزول الآية (٣٠) :
إِنَّ الَّذِينَ قالُوا رَبُّنَا اللَّهُ: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وذلك أن المشركين قالوا: ربنا الله، والملائكة بناته، وهؤلاء شفعاؤنا عند الله، فلم يستقيموا. وقال أبو بكر: ربنا الله وحده لا شريك له، ومحمد ص عبده ورسوله، فاستقام.
وأخرج الترمذي والنسائي والبزار وغيرهم عن أنس بن مالك: أن رسول الله ص قرأ: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا: رَبُّنَا اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقامُوا قال: «قد قال الناس، ثم كفر أكثرهم، فمن مات عليها، فهو ممن استقام».
المناسبة:
هذه الآية شروع في بيان أحوال المؤمنين ومصيرهم، بعد بيان أحوال المشركين وعاقبتهم، ليتبين الفرق بين المؤمن والكافر، وبين الطيب والخبيث.