وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ لا تستويان في الجزاء وحسن العاقبة، ولا الثانية:
مزيدة لتأكيد النفي، والْحَسَنَةُ ما ترضي الله ويتقبلها، والسَّيِّئَةُ ما يكرهها الله ويعاقب عليها ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ أي ادفع وردّ السيئة حيث اعترضتك بالخصلة التي هي أحسن منها وهي الحسنة، كمقابلة الغضب بالصبر، والجهل بالحلم، والإساءة بالعفو، والمراد بالأحسن: الزائد مطلقا، فيكون القصد منه: الحسنة التي وضع الأحسن موضعها.
فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ إذا فعلت ذلك صار عدوك كالصديق القريب في محبته، فالحميم: الصديق وَما يُلَقَّاها ما يؤتى هذه السجية ويحتملها وهي مقابلة الإساءة بالإحسان إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا لأن الصبر يحبس النفس عن الانتقام وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ أي ما يؤتاها ويتقبلها إلا صاحب الحظ العظيم من الخير وكمال النفس.
وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ أي إن يصرفك وسواس من الشيطان عن الخصلة الخيّرة فاستعذ، وأصل النزغ: النخس، شبه وسوسة الشيطان بالنخس، لأنها بعث على ما لا ينبغي فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ التجئ إليه من شره ولا تطعه، وجواب الأمر محذوف: أي يدفعه عنك إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ لاستعاذتك أو قولك الْعَلِيمُ بنيتك وفعلك.
سبب النزول:
نزول الآية (٣٣) :
وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا..: قال ابن عباس: هو رسول الله ص، دعا إلى الإسلام، وعمل صالحا فيما بينه وبين ربه، وجعل الإسلام نحلة: وقال أيضا: هم أصحاب رسول الله ص. وقالت عائشة وعكرمة ومجاهد: نزلت في المؤذنين.
قال أبو حيان: وينبغي أن يتأول قولهم على أنهم- أي المؤذنون- داخلون في الآية، وإلا فالسورة بكاملها مكية بلا خلاف، ولم يكن الأذان بمكة، إنما شرع بالمدينة، والدعاء إلى الله يكون بالدعاء إلى الإسلام وبجهاد الكفار وكف الظلمة.