لَكَ إِلَّا جَدَلًا، بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
[الزخرف ٤٣/ ٥٨]، وهو المشار إليه في
قوله ص: «لا تماروا في القرآن، فإن المراء فيه كفر»، «إن جدالا في القرآن كفر».
قال أبو العالية: آيتان ما أشدهما على الذين يجادلون في القرآن، قوله:
ما يُجادِلُ فِي آياتِ اللَّهِ إِلَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وقوله: وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ [البقرة ٢/ ١٧٦].
ثم أخبر الله تعالى عن تشابه أقوام الأنبياء في تكذيب رسلهم، فقال:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَالْأَحْزابُ مِنْ بَعْدِهِمْ أي كذبت قبل قوم قريش قوم نوح (وهو أول رسول بعثه الله للنهي عن عبادة الأوثان) والجماعات الذين تخربوا على الرسل من بعد قوم نوح، كعاد وثمود وأصحاب لوط وقوم فرعون، بتكذيب رسلهم، فعوقبوا أشد العقاب.
وَهَمَّتْ كُلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ أي وعزمت وحرصت كل أمة من تلك الأمم المكذبة برسولهم المرسل إليهم على أخذه، لحبسه وتعذيبه وإصابة ما يريدون منه أو قتله، فمنهم من قتل رسوله، وخاصموا رسولهم بالشبهة وبالباطل من القول، ليردوا الحق الواضح الجلي، وليبطلوا الإيمان.
روى أبو القاسم الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنه عن النبي ص قال: «من أعان باطلا ليدحض به حقا، فقد برئت منه ذمة الله تعالى وذمة رسوله ص».
وقال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان.
فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ أي فأخذت هؤلاء المجادلين بالباطل بالعذاب، وأهلكتهم، فقد جاء الأخذ بمعنى الإهلاك في قوله تعالى: ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ [الحج ٢٢/ ٤٤]. فانظر كيف عقابي الذي عاقبتهم


الصفحة التالية
Icon