٤- في الآية إيماء بترجيح جانب الرحمة والفضل على جانب الغضب والعدل، لأنه تعالى لما أراد أن يصف نفسه بأنه شَدِيدِ الْعِقابِ ذكر قبله أمرين، كل واحد منهما يقتضي زوال العقاب، وهو كونه غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ وذكر بعده ما يدلّ على حصول الرحمة العظيمة، وهو قوله:
ذِي الطَّوْلِ.
٥- إن الجدال لتقرير الباطل لدحض الحق وإبطال الإيمان، بالاعتماد على الشبهات، بعد البيان القرآني وظهور البرهان الإلهي: كفر وضلال وجحود لآيات الله وحججه وبراهينه.
والجدال في آيات الله أن يقال مثلا عن القرآن: إنه سحر أو شعر أو من قول الكهنة، أو أساطير الأولين، أو إنما يعلّمه بشر، ونحو ذلك.
أما الجدال لتوضيح الحق ورفع اللّبس والرّد إلى الحق، فهو من أعظم ما يتقرّب به المتقرّبون، قال تعالى: وَلا تُجادِلُوا أَهْلَ الْكِتابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ [العنكبوت ٢٩/ ٤٦].
٦- لا يغترن أحد بإمهال الكفرة والعصاة وتركهم سالمين في أبدانهم وأموالهم يترددون في البلاد للتجارة وطلب المعاش، فإن الله يمهل ولا يهمل، وإنه وإن أمهلهم فإنه سينتقم منهم كما فعل بأمثالهم من الأمم الماضية.
٧- المثال المتكرر في القرآن الكريم: هو أن الله تعالى أهلك الأمم المكذبة برسلها، الذين جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان، وقد لمس الناس آثار ذلك الهلاك في ديارهم ومساكنهم، لذا قال تعالى: فَكَيْفَ كانَ عِقابِ أي كيف كان عقابي إياهم، أليس وجدوه حقا؟! ٨- إن مثل الذي وجب (حق) على الأمم السالفة من العقاب، يجب


الصفحة التالية
Icon