وقوله: لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ يدل على سقوط العقاب عنهم على أكمل الوجوه.
ثم ذكر تعالى أنه يكفي المؤمنين في الدنيا ما أهمهم ويمنع عنهم ما يخوفونهم به، فقال:
أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ أي أن الله سبحانه يكفي من عبده وتوكّل عليه، فيدفع عنه الويلات والمصائب، ويعطيه جميع المرغوبات، كقوله:
فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ [البقرة ٢/ ١٣٧].
وعبر بلفظ الاستفهام لإنكار النفي، مبالغة في الإثبات، والمراد تقرير ذلك في النفوس، والإشارة إلى كفايته تعالى على أبلغ وجه وأظهره بحيث لا ينكره أحد، لأنه ثبت أنه تعالى عالم بجميع المعلومات، قادر على كل الممكنات، غني عن كل الحاجات، فهو تعالى عالم بحاجات العباد، وقادر على توفيرها، وهو ليس بخيلا ولا محتاجا حتى يمنعه بخله وحاجته عن إعطاء عبده ما يريد.
والمراد بعبده: النبي ص وجميع عباد الله، بدليل قراءة «عباده».
روى الترمذي والنسائي وابن أبي حاتم عن فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ص يقول: «أفلح من هدي إلى الإسلام، وكان عيشه كفافا وقنع به».
وبعد أن ذكر الله تعالى المقدمة وهي كفاية العباد، رتب عليها النتيجة المطلوبة فقال:
وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ أي ويخوفك أيها الرسول المشركون ويتوعدونك بأصنامهم وآلهتهم التي يدعونها من دون الله جهلا منهم وضلالا، فلا تخف مما يخوفونك به من آلهتهم وجنودهم، فإن الله يحميك مما يضرك، وليس عند آلهتهم نفع ولا ضرر. وقد عرفنا في سبب النزول أن المشركين خوفوا