والشك في البعث لا يكون إلا من الكافرين أو المنافقين المظهرين الإسلام المبطنين الكفر.
٣- وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى أي ولئن كان ثمّ معاد على فرض صدق الأنبياء بما أخبروا به من حصول البعث والنشور، فليحسنن إلى ربي كما أحسن إلي في هذه الدار، والحسنى الكرامة والجنة. واللام فيها للتأكيد. والآية تدل على تيقن الكافر بوصول الثواب إليه من وجوه خمسة:
الأول- كلمة إن تفيد التأكيد، الثاني- تقديم كلمة لي يفيد التأكيد، الثالث- قوله عِنْدَهُ يدل على أن الخيرات حاضرة مهيأة عنده، الرابع- لام لَلْحُسْنى للتأكيد، الخامس- لَلْحُسْنى تفيد الكمال في الحسنى.
والمعنى: لقد ظن أنه استحق خير الآخرة بما أوتيه من خير الدنيا، وتمنى على الله عز وجل، مع إساءته العمل وعدم اليقين، وهذا غالب على الكافر.
فأجيب بمفاجأة نقيض ما يظن، فقال الله تعالى مهددا من كان هذا اعتقاده: فَلَنُنَبِّئَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِما عَمِلُوا، وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ أي فلنخبرن هؤلاء يوم القيامة بما عملوا من المعاصي، ولنجازينهم بعذاب شديد كثير لا يمكنهم التخلص منه وهو عذاب جهنم.
ثم أكد الله تعالى تردد الإنسان فعلا كتردده قولا في آية لا يَسْأَمُ فقال:
وَإِذا أَنْعَمْنا عَلَى الْإِنْسانِ أَعْرَضَ وَنَأى بِجانِبِهِ، وَإِذا مَسَّهُ الشَّرُّ فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ أي وإذا رزقنا الإنسان- من حيث هو إنسان- رزقا حسنا، وأمددناه بنعمة من النعم كالصحة والولد والمال، أعرض عن الشكر والطاعة، واستكبر عن الانقياد لأوامر الله عز وجل، وإذا تبدل الحال وأصيب بشر، أي بلاء وجهد أو فقر أو مرض، أطال السؤال والدعاء، والتضرع إلى الله والاستغاثة به أن يكشف ما به من شدة.