بيّنا، يقابل وضوح النعمة، فيكون الجحود من أبين الكذب. والآية متصلة بقوله تعالى: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ...
وهذا من جهلهم بالله وصفاته، واستخفافهم بالملائكة حيث نسبوا إليهم الأنوثة، ونسبوهم إلى الله نسبة تقتضي نسبة الأضعف من نوعي الإنسان، فالله ليس كمثله شيء، فلا يشبهه أحد من خلقه، ونسبة الولد له تقتضي جعله مشابها للحوادث، فلا يصلح إلها، ولأن هذا الادعاء للجزء يجعل الله مركبا من أجزاء فهو حادث.
ثم أنكر تعالى عليهم أشد الإنكار، فقال:
أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ؟ أي وإذا نسبتم الولد إلى الله،: لزم منه أن الله اتخذ ولدا له من أضعف الجنسين، واختار لكم الأفضل، وهذا يعني أنه جعل لنفسه المفضول من الصنفين، ولكن الفاضل منهما، فكيف يصح هذا مع أنه تعالى هو الخالق؟ وهذا كقوله تعالى: أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثى، تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى [النجم ٥٣/ ٢١- ٢٢] أي جائرة.
ومعنى قوله: أَمِ اتَّخَذَ... بل أأتخذ؟ الهمزة للإنكار تجهيلا لهم وتعجيبا من شأنهم حيث جعلوا ذلك الجزء أضعف الجزأين، وهو الإناث دون الذكور.
ثم ذكر الله تعالى تتمة الإنكار والتوبيخ والتعجيب، فقال:
وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ أي وإذا بشر أحد هؤلاء المشركين بما جعل لله مشابها، وهو الأنثى، أنف من ذلك واغتم، وعلته الكآبة من سوء ما بشّر به، فصار وجهه متغيرا، وأضحى ممتلئا غيظا، شديد الحزن، كثير الكرب، فكيف تأنفون أنتم من البنت، وتنسبونها إلى الله عز وجل؟!.