ثم ذكر تعالى جواب الرّسل لأقوامهم عن التّقليد، قائلا:
قالَ: أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ أي قال لهم رسولهم:
أتتبعون آباءكم، ولو جئتكم بدين أهدى من دين آبائكم؟! فأجابوه معلنين كفرهم صراحة، في قوله تعالى:
قالُوا: إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ أي قالوا: لا نعمل برسالتك، ولا سمع لك ولا طاعة، وإنا كافرون جاحدون بما أرسلتم به، ومستمرون ثابتون على دين الآباء والأسلاف. والمراد أنهم لو علموا وتيقّنوا صحة ما جئتهم به أيها الرّسول، لما انقادوا لذلك، لسوء قصدهم، ومكابرتهم للحقّ وأهله. وقوله: بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ يعني بكل ما أرسل به الرّسل، فالخطاب للنّبي صلّى الله عليه وسلّم، ولفظه لفظ الجمع، لأن تكذيبه تكذيب لمن سواه.
وما بعد الإصرار على الكسر إلا النّقمة والإهلاك، فقال تعالى:
فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ، فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ أي فانتقمنا من الأمم المكذّبة للرّسل بأنواع من العذاب، كعذاب قوم نوح وعاد وثمود، فانظر أيها المخاطب كيف كان مصير أمر المكذبين من تلك الأمم كيف بادوا وهلكوا، وإن آثارهم موجودة، وعبرة للنّاظر المعتبر. وهذا وعيد وتهديد لأهل مكة، وسلوة للرّسول، وإرشاد له إلى عدم الاكتراث بشأن قومه من رسالته.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات الكريمات إلى ما يأتي:
١- للمشركين افتراءات كثيرة، منها هنا: نسبة البنات إلى الله تعالى، فقالوا: الملائكة بنات الله، فجعلوهم جزءا له وبعضا، كما يكون الولد بضعة من والده وجزء له. وقد عجّب الله المؤمنين من جهلهم، إذ أقرّوا بأن خالق السموات