فِيها في ليلة القدر. يُفْرَقُ يفصّل ويبيّن. كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ محكم لا لبس فيه، من الأمور المحكمة التّشريعية، والأرزاق والآجال وغيرها على مدار السّنة إلى تلك الليلة.
أَمْراً مِنْ عِنْدِنا أي أعني بهذا الأمر أمرا حاصلا من عندنا على مقتضى حكمتنا، وهو مزيد تفخيم للأمر. مُرْسِلِينَ الرّسل: محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم ومن قبله عليهم السّلام. رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ رأفة بالمرسل إليهم. السَّمِيعُ لأقوالهم. الْعَلِيمُ بأفعالهم وأحوالهم، وهو وما بعده بيان أنّ الرّبوبية لا تحقّ إلا لمن هذه صفاته، مما ينفي ربوبية غيره. إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ أي إن كنتم من أهل الإيقان في العلوم وفي أنه تعالى ربّ السموات والأرض، أو كنتم تطلبون اليقين وتريدونه.
لا إِلهَ إِلَّا هُوَ إذ لا خالق سواه. يُحْيِي وَيُمِيتُ كما تشاهدون. بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ من البعث، وهو ردّ لكونهم موقنين. يَلْعَبُونَ يعبثون استهزاء بالنّبيّ صلّى اللَّه عليه وسلّم، لذلك قال:
اللهم أعنّي عليهم بسبع كسبع يوسف».
التفسير والبيان:
حم، وَالْكِتابِ الْمُبِينِ، إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ أقسم اللَّه سبحانه بالقرآن العظيم الذي هو الكتاب الموضّح لكلّ ما يحتاجه الإنسان من أمور الدّين والدّنيا، على أنه أنزل القرآن في ليلة كثيرة الخيرات التي هي ليلة القدر، كما جاء مبيّنا في آية أخرى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ [القدر ٩٧/ ١]، من ليالي شهر رمضان الذي نزل فيه القرآن، كما قال تعالى:
شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة ٢/ ١٨٥]، أي أنه بدئ بإنزاله في ليلة القدر من ليالي رمضان، واستمرّ نزوله منجّما ثلاثا وعشرين سنة، أو أنزل القرآن كلّه في ليلة القدر من اللوح المحفوظ إلى سماء الدّنيا.
إنّا كنّا بهذا القرآن منذرين الناس من العذاب الأليم في الآخرة إذا اقترفوا الشّرك والمعاصي، ومعلّمين النّاس ما ينفعهم ويضرّهم شرعا لتقوم حجّة اللَّه على عباده.