فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- لا يؤمن المشركون بالبعث، فهم قوم ماديون دهريون كما في آية أخرى:
وَقالُوا: ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا، وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ [الجاثية ٤٥/ ٢٤] وقالوا هنا: ما الموتة التي من شأنها أن تعقبها حياة إلا الموتة الأولى في عالم الذر والنطف دون الموتة الثانية.
٢- احتجوا بحجة واهية وهي الإتيان بآبائهم وأجدادهم أحياء، بعد أن ماتوا، وتلك مغالطة، لأن المقصود بالبعث: هو إحياء جميع الخلق بعد فناء الدنيا، ولأن الإعادة إنما هي للجزاء لا للتكليف مرة أخرى.
قيل: إن قائل هذا من كفار قريش أبو جهل، قال: يا محمد، إن كنت صادقا في قولك فابعث لنا رجلين من آبائنا أحدهما- قصيّ بن كلاب، فإنه كان رجلا صادقا، لنسأله عما يكون بعد الموت.
٣- إنهم بهذا القول استحقوا العذاب، إذ ليسوا هم خيرا من قوم تبّع والأمم المهلكة، وإذا أهلكنا أولئك، فكذا هؤلاء. وكان من قبلهم أظهر نعمة وأكثر أموالا، وأعز وأشد وأمنع جانبا، فأهلكهم اللَّه لكفرهم وإجرامهم.
قال القرطبي: وليس المراد بتبّع رجلا واحدا، بل المراد به ملوك اليمن، فكانوا يسمون ملوكهم التبابعة، فتبّع لقب للملك منهم كالخليفة للمسلمين، وكسرى للفرس، وقيصر للروم.
ثم قال: والظاهر من الآيات أن اللَّه سبحانه إنما أراد واحدا من هؤلاء، وكانت العرب تعرفه بهذا الاسم اشدّ من معرفة غيره، ولذلك
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم: «ولا