المناسبة:
بعد إيراد أدلة وجود اللَّه ووحدانيته، أورد اللَّه تعالى بعض نعمه الدالة أيضا على قدرته وهي تسخير السفن في البحار لحمل التجارات والركاب، وتسخير ما في السموات والأرض، ثم أمر المؤمنين بالعفو عن الكفار، وأبان أن جزاء العمل الصالح والسيء يعود على نفس العامل خيرا أو شرا.
التفسير والبيان:
يذكر اللَّه تعالى نعمه على عباده وهي:
١- اللَّهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ، وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ، وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ أي إن اللَّه الذي ثبت لكم وجوده ووحدانيته بالأدلة السابقة هو الذي ذلل لكم البحر لجريان السفن فيه بإذنه، والاتجار بين الأقطار، والغوص للدرّ، وصيد الأسماك وغير ذلك، أي للمتاجر والمكاسب، ولتشكروا نعم اللَّه الحاصلة لكم بسبب هذا التسخير، ومنافعه المجلوبة لكم من البلاد النائية.
وتسخير البحر بثلاثة أشياء: هي أولا- الرياح المساعدة على مسيرة السفن في الماضي وثانيا- قدرة تحمل الماء لآلاف الاطنان بل أكثر من خمس مائة الف طن، وثالثا- وجعل الخشب طافيا على وجه الماء دون غوص فيه.
٢- وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ أي وذلل لكم أيضا جميع ما في السموات من كواكب وغيرها، وجميع ما في الأرض من جبال وبحار وأنهار ورياح وأمطار ومنافع أخرى فضلا منه ورحمة، إن في ذلك التسخير لدلائل واضحة على قدرة اللَّه وتوحيده، لقوم يتفكرون فيها ويستدلون بها على التوحيد.
وهذا كقوله تعالى: وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ، ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ، فَإِلَيْهِ


الصفحة التالية
Icon