وانخداعهم بالدنيا، ومعاملتهم معاملة المنسي بتركهم في النار، دون انتظار الخروج منها أو التوبة واسترضاء اللَّه عن الذنوب السالفة.
التفسير والبيان:
هذه الآيات تبين حكم اللَّه في خلقه يوم القيامة، سواء أكانوا مؤمنين أم كافرين، فقال تعالى مبينا حكم الفريق الأول:
فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِي رَحْمَتِهِ، ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ أي فأما المصدقون بالله وكتبه ورسله واليوم الآخر، والذين عملوا الأعمال الصالحة وهي الخالصة الموافقة للشرع، فيدخلهم ربهم الجنة، وذلك أي الإدخال فيها هو الظفر بالمطلوب، وهو الفلاح والنجاح الظاهر الواضح.
وسمى الثواب رحمة، والرحمة جنة،
لقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم في الحديث الصحيح: «إن اللَّه تعالى قال للجنة: أنت رحمتي، أرحم بك من أشاء».
ثم قال تعالى مبينا حكم الفريق الثاني وموبخا إياهم:
وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ، فَاسْتَكْبَرْتُمْ، وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ أي وأما الذين أنكروا وحدانية اللَّه والبعث، فيقال لهم تقريعا وتوبيخا: أما قرئت عليكم آيات اللَّه تعالى، فاستكبرتم وأبيتم الإيمان بها، وأعرضتم عن سماعها واتباعها، وكنتم قوما مجرمين في أفعالكم، ترتكبون الآثام والمعاصي، وتكذبون في قلوبكم بالمعاد والثواب والعقاب؟ لذا أردف ذلك بقوله:
وَإِذا قِيلَ: إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ لا رَيْبَ فِيها، قُلْتُمْ ما نَدْرِي مَا السَّاعَةُ، إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا، وَما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ أي وإذا قيل لهؤلاء الكفار من طريق الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم والمؤمنين: إن وعد اللَّه بالبعث والحساب، وبجميع


الصفحة التالية
Icon