ويعونه، ويسمعه المنافقون فلا يعونه، فإذا خرجوا سألوا المؤمنين: ماذا قال آنفا؟ فنزلت: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ الآية.
وروى مقاتل: أن النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يخطب ويعيب المنافقين، فإذا خرجوا من المسجد سألوا عبد اللَّه بن مسعود، استهزاء: ماذا قال محمد آنفا؟ قال ابن عباس: وقد سئلت فيمن سئل.
المناسبة:
بعد بيان حال المؤمنين والكافرين في الدنيا والآخرة، ذكر اللَّه تعالى حال المنافقين، وأنهم من الكفار، وأنهم جهلة لا يفهمون كلام النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم عند الاستماع إليه، وإنما يستمعون ولا ينتفعون، لتهاونهم واستهزائهم، على عكس حال المؤمن المهتدي، فإنه يستمع ويفهم، ويعمل بما يعلم. ثم هدد تعالى أولئك المنافقين وأمرهم بأن يتّعظوا ويعتبروا ويتذكروا قبل مجيء الساعة. ثم أمر اللَّه تعالى رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم بالثبات على ما هو عليه من صحة الاعتقاد والاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات.
التفسير والبيان:
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ، حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ، قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ: ماذا قالَ آنِفاً؟ أي ومن هؤلاء الكفار الخالدين في النار: منافقون يستمعون كلام النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم وتلاوته في خطبه ومجالسه، فلا يفهمون منه شيئا لعدم وعيهم وإدراكهم وإيمانهم، فإذا خرجوا من عنده قالوا لعلماء الصحابة الواعين لما سمعوا، وسألوهم على طريقة الاستهزاء والاستخفاف والسخرية: ماذا قال النّبي في الساعة القريبة من هذه؟ والمعنى: أنّا لم نلتفت إلى قوله، ولم نكترث بما يتكلم به، ولم نفهم ما يقول، ولم ندر ما نفع ذلك.