ثم أكد اللَّه تعالى نفي العلم بعبادة الناس لها بقوله:
وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ كانُوا لَهُمْ أَعْداءً، وَكانُوا بِعِبادَتِهِمْ كافِرِينَ أي وإذا جمع الناس العابدون للأصنام في موقف الحساب، كانت الأصنام لهم أعداء، تتبرأ منهم وتلعنهم، وكانوا جاحدين مكذبين منكرين لعبادتهم، فيخلق اللَّه الحياة في الأصنام فتكذبهم، وتتبرأ الملائكة والمسيح وعزير والشياطين ممن عبدوهم يوم القيامة.
ونظير الآية قوله سبحانه: وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا، كَلَّا سَيَكْفُرُونَ بِعِبادَتِهِمْ، وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا [مريم ١٩/ ٨١- ٨٢] أي سيكذبونهم ويعادونهم في وقت أحوج ما يكونون إليهم. وقال تعالى حكاية عن إبراهيم الخليل عليه السلام: وَقالَ: إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً، مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ، وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمَأْواكُمُ النَّارُ، وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ [العنكبوت ٢٩/ ٢٥].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات البينات إلى ما يأتي:
١- تأكيد مطلع سورة الجاثية: وهو كون مصدر القرآن من اللَّه العزيز الحكيم، لا من عند محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم ولا غيره من العرب أو العجم.
٢- دلت آية: ما خَلَقْنَا السَّماواتِ.. على أمور ثلاثة: هي إثبات الإله بخلق هذا العالم، وإثبات أن إله العالم عادل رحيم، لقوله تعالى: إِلَّا بِالْحَقِّ أي إلا لأجل الفضل والرحمة والإحسان، وإثبات البعث والقيامة، إذ لو لم توجد القيامة لتعطل استيفاء حقوق المظلومين من الظالمين، ولتعطل إيفاء الثواب للمطيعين، وإقامة العقاب على الكافرين، وذلك ينافي كون خلق السموات والأرض وما بينهما بالحق.