الإلهي، فلا يقولوا: إنا أيضا أغنياء عن القتال وعن معونة الفقراء، فالواقع أنه لا غنى لهم عن ذلك في الدنيا والآخرة، أما في الدنيا، فإنه لولا القتال لقتلوا، بغزو الكفار واجتياح بلاد المسلمين، والمحتاج إن لم تدفع حاجته، قصده الغنيّ وأخذ ماله، لا سيما أن الشارع أباح للمضطر ذلك. وأما في الآخرة فالأمر ظاهر حيث يكون كل إنسان فقيرا إلى فضل اللَّه ورحمته، وفي حال الحساب، وهو موقوف مسئول في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
٦- أنذر اللَّه تعالى عباده وحذرهم من إهمال حمل المسؤولية والقيام بأعباء التكاليف، فهم إن أعرضوا عن الإيمان والجهاد والتقوى، استبدل قوما غيرهم يكونون أطوع لله منهم، ثم يكونون أفضل وأمثل وأحسن منهم، وتلك هي سنة اللَّه في خلقه، وليسوا أمثال المستبدل بهم في البخل بالإنفاق في سبيل اللَّه، كما قال الطبري. والأولى العموم، أي لا يكونوا أمثالكم في الوصف، ولا في الجنس، كما ذكر الرازي. وقال الزمخشري: أي يخلق قوما على خلاف صفتكم راغبين في الإيمان والتقوى، غير متولين عنهما، كقوله تعالى: وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ [فاطر ٣٥/ ١٦].
وقد اختلف المفسرون في تعيين أولئك القوم الجدد، فقيل: هم الملائكة، أو الأنصار، أو التابعون، أو أهل اليمن، أو كندة والنخع، أو العجم، أو فارس والروم. والأولى تفويض ذلك إلى علم اللَّه تعالى.
والخطاب لقريش أو لأهل المدينة، والأولى جعل الخطاب متجددا بتجدد الأجيال والأمم، سواء من كان عند نزول الوحي أم بعد ذلك.
حكي عن أبي موسى الأشعري: أنه لما نزلت هذه الآية، فرح بها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وقال: «هي أحب إلي من الدنيا».