اللَّه عنه: «بايعناه وبايعه الناس على عدم الفرار، وأنه إما الفتح وإما الشهادة». فأرعب ذلك المشركين وأرسلوا داعين إلى الصلح والموادعة، وكان قد أتى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أن الذي بلغه من أمر عثمان كذب.
وقد أنزل اللَّه في هذه البيعة قوله سبحانه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ.. [الفتح ٤٨/ ١٨]. وكان هذا الصلح هو الفتح، وبعد رجوعه إلى المدينة فتح اللَّه عليه خيبر، فقسمها على أهل الحديبية لم يشركهم أحد غيرهم، وكانوا ألفا وخمس مائة، منهم ثلاث مائة فارس. وهذا قول سعيد بن المسيب، والمشهور أنهم كانوا أربع عشرة مائة.
ولما علمت قريش بهذا أرسلت سهيل بن عمرو لعقد الصلح، فلما رآه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم مقبلا قال: أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل، وقال: اكتب بيننا وبينكم كتابا. فدعا الكاتب علي بن أبي طالب، وبدأ الاتفاق على بنود المعاهدة، بعد أن رفض سهيل كتابة «بسم اللَّه الرحمن الرحيم»، وكتب «باسمك اللهم» ورفض أيضا وصف محمد بالرسالة، فكتب: «محمد بن عبد اللَّه».
وتم الصلح على أن يكف الفريقان عن الحرب عشر سنين يأمن فيهن الناس، دون قتال ولا اعتداء، على أنه من أتى محمدا من قريش بغير إذن وليه، رده عليهم، ومن جاء قريشا من أصحاب محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يردوه عليه، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه.
فسارعت خزاعة، فدخلت في عقد محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وحالفته، وتواثبت بنو بكر، فدخلوا في عهد قريش وعقدهم.
وعلى المسلمين الرجوع عن مكة هذا العام، وإذا كان العام القادم خرجت


الصفحة التالية
Icon