وكنانة والقبائل المجاورة لمكة، وهم الأحابيش، بدليل قوله تعالى: بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً.
قُلْ: فَمَنْ يَمْلِكُ لَكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ بِكُمْ ضَرًّا أَوْ أَرادَ بِكُمْ نَفْعاً، بَلْ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً أي قل أيها النبي لهم: فمن يمنعكم مما أراده اللَّه بكم من خير أو شر؟ أي لا يقدر أحد أن يرد ما أراده اللَّه فيكم، وإن صانعتمونا ونافقتمونا، سواء بإنزال ما يضركم من ضياع الأموال وهلاك الأهل، أو بتحقيق النفع لكم من نصر وغنيمة.
بل في الحقيقة، إن تخلفكم ليس لما زعمتم، فإن اللَّه خبير بجميع ما تعملونه من الأعمال، وقد علم أن تخلفكم لم يكن للانشغال بالمال والأهل، بل للشك والنفاق والخذلان وسوء الاعتقاد والخوف من قريش وأعوانهم وما خطر لكم من الظنون الفاسدة، الناشئة عن عدم الثقة بالله تعالى، ثم افتضح شأنهم، فقال تعالى:
بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلى أَهْلِيهِمْ أَبَداً، وَزُيِّنَ ذلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ، وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ، وَكُنْتُمْ قَوْماً بُوراً أي لم يكن تخلفكم تخلف معذور ولا عاص، بل تخلف نفاق، وقد اعتقدتم أن العدو يقتل ويستأصل المؤمنين نهائيا، فلا يرجع أحد منهم إلى أهله إلى الأبد، وزين الشيطان ذلك الظن في قلوبكم، فقبلتموه، وظننتم أن اللَّه سبحانه لا ينصر رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، وكنتم قوما هالكين عند اللَّه تعالى، وصرتم بما فعلتم لا تصلحون لشيء من الخير، تستحقون شديد العقاب.
ثم أخبر اللَّه تعالى عن عقاب الكفار، فقال:
وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَعِيراً أي من لم يصدّق بالله تعالى ورسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، ولم يخلص العمل في الظاهر والباطن لله، كما