وأحسوا بضعف موقفهم، فقالوا لرسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: فَاسْتَغْفِرْ لَنا يعني فنحن مع إقامة العذر معترفون بالإساءة، فاستغفر لنا واعف عنا في أمر الخروج.
وهذا إن قبل مع الناس فلا يقبل مع اللَّه تعالى المطلع على حقائق الأمور، لذا دل هذا الموقف على قصور النظر، فضلا عن سوء الاعتقاد والجهل.
٢- لقد فضحهم اللَّه تعالى أيضا، وكذبهم بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم، وهذا هو النفاق المحض، فهم قوم منافقون، ينطبق عليهم العذاب المذكور في الآية السابقة: وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ.. [٦].
٣- وردّ اللَّه تعالى عليهم أيضا حين ظنوا أن التخلف عن الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم يدفع عنهم الضّر، ويعجل لهم النفع. والضّر: اسم لما ينال الإنسان من الهزال وسوء الحال. والنفع: ضد الضر.
ومضمون الرد بإيجاز: لن يستطيع أحد دفع ما أراده اللَّه في عباده من خير أو شر.
٤- وزيّف اللَّه تعالى مدّعاهم، وافتضح شأنهم، وأبان سوء ظنهم حين قالوا: إن محمدا وأصحابه أكلة رأس «١» لا يرجعون، وزعموا أن الرسول والمؤمنين سيقتلون ويستأصلون، ولن يعودوا إلى أهليهم أبدا، لأنهم قالوا: أهل مكة يقاتلون عن باب المدينة، فكيف يكون حالهم إذا دخل المسلمون بلادهم، وأحاطوا بهم؟! وزيّن الشيطان النفاق في قلوبهم، وظنوا ظنا سيئا أن اللَّه تعالى لا ينصر رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم، وبذلك جمعوا بين النفاق وسوء الظن وسوء التقدير.