«بينا نحن قائلون «١»، إذ نادى منادي رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، يا أيها الناس، البيعة البيعة، نزل روح القدس، فسرنا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو تحت شجرة سمرة، فبايعناه، فأنزل اللَّه: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ الآية.
فبايع لعثمان بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئا لك لابن عفان، يطوف بالبيت ونحن هنا،
فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: «لو مكث كذا وكذا سنة، ما طاف حتى أطوف».
وروي أنه صلّى اللَّه عليه وسلّم لما نزل الحديبية بعث حراش بن أمية الخزاعي إلى أهل مكة، فهمّوا به، فمنعه الأحابيش، فرجع، فبعث عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، فحبسوه، فأرجف بقتله، فدعا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم أصحابه، وكانوا ألفا وثلث مائة أو أربع مائة أو خمس مائة، وبايعهم على أن يقاتلوا قريشا ولا يفرّوا منهم، وكان جالسا تحت سمرة أو سدرة.
وأخرج الشيخان عن يزيد بن عبيد قال: قلت لسلمة بن الأكوع: «على أي شيء بايعتم رسول اللَّه؟ قال: على الموت».
وأخرج مسلم عن معقل بن يسار قال: «لقد رأيتني يوم الشجرة- التي كانت تحتها بيعة الرضوان بالحديبية- والنبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يبايع الناس، وأنا رافع غصنا من أغصانها عن رأسه، ونحن أربع عشرة مائة، قال: لم نبايعه على الموت، ولكن بايعناه على ألا نفرّ».
ووفّق العلماء بين الروايتين، فجماعة كانت مع سلمة، وجماعة مع معقل.
وأرى أن الغاية من الحديثين واحدة هي الثبات في مواجهة قريش، لذا قال جابر بن عبد اللَّه: بايعنا رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم تحت الشجرة على الموت، وعلى ألا

(١) نائمون نوم القيلولة.


الصفحة التالية
Icon