منصوبا، لأن الأعيان لا يقع الوعد عليها، إنما يقع على تملكها وحيازتها. ويصح أن تكون مبتدأ، ولَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها: صفة لها، وجاز الابتداء بها لكونها موصوفة، وقَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها:
خبر المبتدأ.
سُنَّةَ اللَّهِ مصدر مؤكد لمضمون الجملة قبله، أي سن اللَّه ذلك سنة.
البلاغة:
لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ كناية عن الهزيمة، لأن المنهزم يدير ظهره للعدو عند الهرب.
المفردات اللغوية:
وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً هي ما وعد به المؤمنون إلى يوم القيامة إثر الفتوحات فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ أي غنائم خيبر وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ أيدي قريش بالصلح، وأيدي أهل خيبر وحلفائهم من بني أسد وغطفان، وأيدي اليهود عن المدينة إذ همّوا بعيالكم، بعد خروج الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم منها إلى الحديبية، بأن قذف في قلوبهم الرعب وَلِتَكُونَ أي الغنائم المعجلة آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ أي أمارة للمؤمنين في نصرهم يعرفون بها صدق الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم في وعدهم فتح خيبر والمغانم وغير ذلك، وحراسة اللَّه لهم في غيبتهم ومشهدهم، وحفظ كيان المؤمنين الآتين بعدهم ما داموا على الاستقامة وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً يوفقكم ويرشدكم إلى الثقة بفضل اللَّه والتوكل عليه في كل الأمور.
وَأُخْرى أي ومغانم أخرى هي مغانم فارس والروم لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها الآن، لما تتطلب من الإعداد الأقوى قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها علم أنها ستكون لكم، وقد أعدها لكم وغنمكوها وأظهركم عليها وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً أي ولم يزل متصفا بذلك، لأن قدرته ذاتية لا تختص بشيء دون شيء.
وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا بالحديبية لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ لهربوا وانهزموا ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا حارسا حاميا يحرسهم وَلا نَصِيراً معينا ينصرهم. سُنَّةَ اللَّهِ حكم اللَّه وقانونه القديم فيمن مضى من الأمم غلبة أنبيائه، ونصر المؤمنين، وهزيمة الكافرين، كما قال: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي [المجادلة ٥٨/ ٢١] أي سنّ اللَّه ذلك سنة ثابتة دائمة وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا تغييرا.
كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ أيدي كفار مكة بِبَطْنِ مَكَّةَ في داخل مكة بالحديبية أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ أظهركم عليهم وجعلكم متغلبين عليهم، فإن ثمانين منهم طافوا بعسكركم ليصيبوا منكم، فأخذوا وأتي بهم إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم، فعفا عنهم، وخلّى سبيلهم، فكان ذلك سبب الصلح وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً أي ولم يزل مطلعا على جميع الأمور.