كل ذلك لتشكروه، ولتكون تلك النعم علامة للمؤمنين يعلمون بها صدق رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم في جميع ما يعدهم به، وأن اللَّه حافظهم وناصرهم على سائر الأعداء، مع قلة العدد، وليزيدكم بتلك الآية أو العلامة هدى، أو يثبّتكم على الهداية إلى طريق الحقّ، والانقياد لأمر اللَّه تعالى وطاعة رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم.
- وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها، وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً أي وعدكم اللَّه غنائم أخرى وفتوحات أخرى غير صلح الحديبية وفتح خيبر، لم تكونوا تقدرون عليها في حالتكم الراهنة، قد أحاط اللَّه بها علما أنها ستصير أو ستكون لكم، وتفتحونها وتأخذونها، مثل غنائم هوازن في غزوة حنين، وفتوحات فارس والروم، وكان اللَّه وما يزال على كل شيء قديرا مقتدرا، لا يعجزه شيء.
- وَلَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا، لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ، ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً أي لو بادركم بالقتال كفار قريش بالحديبية، لنصر اللَّه تعالى رسوله صلّى اللَّه عليه وسلّم وعباده المؤمنين عليهم، ولا نهزم جيش الكفر فارّا هاربا، ثم لا يجدون حارسا وحاميا يحرسهم ويواليهم على قتالكم، ولا ناصرا معينا ينصرهم عليكم.
سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ، وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي تلك سنّة اللَّه القديمة وعادته في خلقه بنصر جيش الإيمان على جيش الكفر، ورفع الحق ووضع الباطل، وغلبة أوليائه على أعدائه، بالرغم من عدم تكافؤ القوى، مثل نصر اللَّه يوم بدر أولياءه، على أعدائه من المشركين، وتلك السّنة مستمرة ثابتة، لا تغيير لها.
- وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ، مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ، وَكانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً أي واللَّه سبحانه وتعالى هو الذي


الصفحة التالية
Icon