وعبد اللَّه بن عمرو بن حرام والد جابر، والقرّاء السبعين الذين قتلوا ببئر معونة، وزيد بن حارثة، وجعفر بن أبي طالب، وعبد اللَّه بن رواحة، وما أشبه هؤلاء رضي اللَّه عنهم، والدليل على ذلك الحديث التالي:
أخرج أحمد والبخاري عن أم العلاء- وهي امرأة من نساء الأنصار- قالت: «لما مات عثمان بن مظعون، قلت: رحمك اللَّه أبا السائب، شهادتي عليك، لقد أكرمك اللَّه، فقال رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم: وما يدريك أن اللَّه أكرمه؟ أما هو فقد جاءه اليقين من ربه، وإني لأرجو له الخير، واللَّه ما أدري- وأنا رسول اللَّه- ما يفعل بي ولا بكم، قالت أمّ العلاء: فو اللَّه لا أزكي بعده أحدا».
وفي رواية الطبراني وابن مردويه عن ابن عباس: «أنه لما مات قالت امرأته أو امرأة: هنيئا لك ابن مظعون الجنة، فنظر إليها رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم نظر مغضب، وقال: وما يدريك؟ واللَّه، إني لرسول اللَّه، وما أدري ما يفعل اللَّه بي، فقالت: يا رسول اللَّه، صاحبك وفارسك وأنت أعلم، فقال: أرجو له رحمة ربه تعالى، وأخاف عليه ذنبه».
ثم أكد اللَّه تعالى خسارة المشركين قائلا:
قُلْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، وَكَفَرْتُمْ بِهِ، وَشَهِدَ شاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى مِثْلِهِ، فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ، إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين الكافرين بالقرآن: أخبروني إن كان هذا القرآن من عند اللَّه في الحقيقة، والحال أنكم قد كفرتم به، وشهد شاهد من بني إسرائيل العالمين بما أنزل اللَّه في التوراة على صحته وعلى مثله وهو القرآن، أو على مثل ما قلت، فآمن الشاهد بالقرآن لما تبيّن له أنه من كلام اللَّه، وهذا الشاهد هو عبد اللَّه بن سلام الذي أسلم بعد الهجرة، ثم تكبرتم عن الإيمان به، فقد ظلمتم أنفسكم «١» وكنتم

(١) هذا جواب الشرط المحذوف لقوله: إِنْ المفهوم من قوله: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي...
والمفعول الثاني لقوله أَرَأَيْتُمْ مقدر، أي ألستم ظالمين؟


الصفحة التالية
Icon