والخلاصة: أن الآيات اشتملت على أدلة أربعة على جواز البعث وإمكانه، وهي علم اللَّه تعالى الشامل بمصير الأجساد بعد موتها، وخلقه السموات وتزيينها بالكواكب وتسويتها دون شقوق أو صدوع، وخلقه الأرض وما فيها من جبال وأنهار ونباتات وحيوانات، وإنزاله المطر من السحاب وإخراج النبات، وهذا دليل مما بين السماء والأرض.
ويلاحظ أنه تعالى ذكر في كل آية ثلاثة أمور متناسبة، ففي آية السماء ذكر البناء والتزيين وسدّ الفروج، وفي آية الأرض ذكر المدّ وإلقاء الرواسي والإنبات فيها، وكل واحد هنا في مقابلة واحد مما سبق، فالمدّ في مقابلة البناء، لأن المدّ وضع والبناء رفع، والرواسي في الأرض ثابتة والكواكب في السماء مركوزة مزيّنة لها، والإنبات في الأرض شقّها. وفي آية المطر ذكر إنبات الجنات والحبّ والنخل، وهذه الأمور الثلاثة إشارة إلى الأجناس الثلاثة: وهي ما له أصل ثابت يستمر مكثه في الأرض سنين وهو النخيل، وما ليس له أصل ثابت مما لا يطول مكثه في الأرض وهو الحبّ ويتجدد كل سنة، وما يجتمع فيه الأمران وهو البساتين، وهذه الأنواع تشمل مختلف الثمار والزروع «١».
التذكير بحال المكذبين الأولين
[سورة ق (٥٠) : الآيات ١٢ الى ١٥]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ (١٢) وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ (١٣) وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ (١٤) أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِي لَبْسٍ مِنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ (١٥)