وعلى والدي من نعمة الهداية إلى الدين الحق والتوحيد وغير ذلك من نعم الدنيا، كسلامة العقل، والصحة والعافية، وسعة العيش، وتمام الخلقة السوية، وحنان الأبوين حين ربياني صغيرا.
وَأَنْ أَعْمَلَ صالِحاً تَرْضاهُ، وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي هذا معطوف على قوله: أَنْ أَشْكُرَ أي ألهمني ووفقني للعمل الصالح الذي ترضاه مني، والعمل الصالح المرضي: هو ما يكون سالما من غوائل عدم القبول، واجعل الصلاح ساريا في ذريتي «١»، متمكنا راسخا فيهم، حتى يكون لهم طبعا وخلقا.
إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ، وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ أي إني تبت وأنبت إليك من جميع الذنوب، والآثام، وإني من المستسلمين لك، المنقادين لطاعتك، المخلصين لتوحيدك، الخاضعين لربوبيتك.
قال ابن كثير: وهذا فيه إرشاد لمن بلغ الأربعين أن يجدد التوبة والإنابة إلى اللَّه عز وجل، ويعزم عليها «٢»،
وقد روى أبو داود في سننه عن ابن مسعود رضي اللَّه عنه أن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم كان يعلّمهم أن يقولوا في التشهد: «اللهم ألّف بين قلوبنا، وأصلح ذات بيننا، واهدنا سبل السلام، ونجّنا من الظلمات إلى النور، وجنّبنا الفواحش ما ظهر منها وما بطن، وبارك لنا في أسماعنا وأبصارنا وقلوبنا وأزواجنا وذرياتنا، وتب علينا إنك أنت التوّاب الرحيم، واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابليها، وأتمّها علينا».
ثم ذكر اللَّه تعالى جزاء هؤلاء الصالحين قائلا:
أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا، وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ، فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ. وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ أي أولئك الذين هذه
(٢) تفسير ابن كثير: ٤/ ١٥٧ وما بعدها.