السورة مدنية، فهي معنية بأحكام التشريع، لا سيما أحكام القتال والأسرى والغنائم ووصف الكافرين والمؤمنين وجزاء الفريقين في الدنيا والآخرة، وأحوال المنافقين والمرتدين ووعدهم ووعيدهم.
بدأت السورة مباشرة وبما يلفت النظر بالحديث عن الكفار أعداء اللَّه والرسول، وإظهار غضب اللَّه عليهم، وأردفت ذلك بوصف المؤمنين وبيان رضا اللَّه عليهم، لإظهار الفرق الواضح بين الفريقين: كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثالَهُمْ.
ثم أمرت المؤمنين بقتال الكافرين قتالا عنيفا لا هوادة فيه، لأنهم كفروا واتبعوا الباطل، وبشّرت المؤمنين بالنصر إن نصروا دين اللَّه وصبروا في مواجهة الأعداء، وأبانت خذلان الكافرين لكراهيتهم ما أنزل اللَّه، وفي هذا تعريف بجزاء المؤمنين والكافرين في الدنيا والآخرة.
ثم عنيت بضرب الأمثال لكفار مكة وأمثالهم بالطغاة السابقين وكيفية تدميرهم بسبب طغيانهم: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا...
ووصفت بعدئذ ألوان نعيم الجنة المعدة للمتقين للترغيب والإقبال على الإيمان والطاعة.
وانتقل البيان إلى وصف المنافقين والمرتدين ووعدهم وتهديدهم: وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ.. وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا: نُزِّلَتْ سُورَةٌ إلى آخر السورة. وذكرت في ثنايا ذلك أن الكافرين الصادّين عن سبيل اللَّه والمعادين للرسول لن يضروا اللَّه شيئا وسيحبط أعمالهم، ولن يغفر اللَّه لهم، وذكّرت بوجوب طاعة اللَّه تعالى والرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم.
وختمت السورة بما يناسب موضوعها الأصلي وهو الجهاد في سبيل اللَّه، فدعت المؤمنين إلى تحقيق العزة والكرامة، وتجنب الضعف والوهن والمسالة