وقال ابن عباس في رواية أخرى: نزلت في المطعمين ببدر، وهم اثنا عشر رجلا: أبو جهل، والحارث بن هشام، وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، وأبيّ وأميّة ابنا خلف، ومنبّه ونبيه ابنا الحجاج، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، وحكيم بن حزام، والحارث بن عامر بن نوفل.
التفسير والبيان:
الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ، أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ أي الذين جحدوا توحيد اللَّه وآياته، وعبدوا غيره، وصدوا غيرهم عن دين الإسلام، بنهيهم عن الدخول فيه، وهم كفار قريش، أبطل اللَّه ثواب أعمالهم وأحبطها وجعلها ضائعة، ولم يجعل لها ثوابا ولا جزاء في الآخرة.
فكل ما يسمونه مكارم الأخلاق، كصلة الرحم، وفك الأسارى، وقرى الأضياف، وعمارة المسجد الحرام بالسّقاية والخدمة للحجاج، وإجارة المستجير، لا يقبل مع الكفر والصدّ.
ونظير الآية: وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ، فَجَعَلْناهُ هَباءً مَنْثُوراً [الفرقان ٢٥/ ٢٣].
وبعد بيان حال الكفار وجزائهم، بيّن حال المؤمنين وجزاءهم، فقال:
وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ، كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ، وَأَصْلَحَ بالَهُمْ أي والذين صدقوا بالله، وأطاعوه، واتبعوا أمره ونهيه، وانقادوا لشرع اللَّه ظاهرا وباطنا، وعملوا بما يرضيه من صالح الأعمال، وصدقوا بالقرآن الذي أنزل على نبيه محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، فآمنوا أنه حق وآمنوا بأنه كلام اللَّه، والقرآن هو الحق الثابت الذي لا شك فيه أنه من اللَّه، محا عنهم ذنوبهم التي عملوها في الماضي، وغفرها لهم بالإيمان والعمل الصالح، وأصلح شأنهم وحالهم في الدنيا والآخرة، فعصمهم عن المعاصي، وأرشدهم إلى أعمال الخير في


الصفحة التالية
Icon