٢- إن المغفرة هي جزاء الذين آمنوا بالله وعملوا الأعمال الصالحة باتباع الفرائض، واجتناب النواهي، والتصديق بالقرآن الذي أنزل على محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم وبما جاء به، دون أن يخالفوه في شيء. والقرآن: هو الحق الثابت الراسخ من ربهم، الذي نسخ به ما قبله، والمغفرة أو التكفير: الستر والتجاوز عما مضى من ذنوبهم وسيئاتهم قبل الإيمان، وإصلاح البال: إصلاح شأنهم وحالهم وأمورهم، والمراد إصلاح ما تعلق بدنياهم. وتكفير السيئات من الكريم: سترها بما هو خير منها، فهو في معنى قوله تعالى: فَأُوْلئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئاتِهِمْ حَسَناتٍ [الفرقان ٢٥/ ٧٠].
وهذا متفق مع منهج القرآن، كلما ذكر الإيمان والعمل الصالح، رتب عليهما المغفرة والأجر، كما قال تعالى: فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ، لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [الحج ٢٢/ ٥٠] وقال: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ، وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ [العنكبوت ٢٩/ ٧].
٣- دل قوله تعالى: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ على أن الإيمان بالقرآن المنزل من عند اللَّه شرط في صحة الإيمان بعد بعثته صلّى اللَّه عليه وسلّم. وهذا في مقابلة قوله تعالى في حق الكافر: وَصَدُّوا أي صدوا عن اتباع محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم، وهو حث على اتباعه.
٤- إن القرآن الكريم هو الحق النازل من الرب عز وجل، وفي الآية دليل على أن دين محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم لا يرد عليه النسخ أبدا.
٥- الفرق بين جزاءي الفريقين: أن إضلال الكفار وإبطال أعمالهم بسبب اتباعهم الباطل وهو اتباع إله غير اللَّه، واتباع الشيطان والشرك، وأن تكفير