مكة قال له قائل: صبوت؟ قال: لا، ولكن أسلمت مع محمد صلّى اللَّه عليه وسلّم».
وهذا دليل من السّنة على جواز المنّ على الأسير.
وهناك دليل آخر من السّنة على جواز الفداء، قال عمران بن حصين: أسر أصحاب رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم رجلا من عقيل فأوثقوه، وكانت ثقيف قد أسرت رجلين، من أصحاب النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم، ففداه رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف.
وأما دليل جواز قتل الأسير: فقال أبو بكر الجصاص: اتفق فقهاء الأمصار على جواز قتل الأسير، لا نعلم بينهم خلافا فيه، وقد تواترت الأخبار عن النّبي صلّى اللَّه عليه وسلّم في قتله الأسير، منها قتله عقبة بن أبي معيط، والنّضر بن الحارث بعد الأسر يوم بدر، وقتل- أي النّبي- يوم أحد أبا عزّة الشاعر بعد ما أسر، وقتل بني قريظة بعد نزولهم على حكم سعد بن معاذ، فحكم فيهم بالقتل، وسبي الذّرّيّة، ومنّ على الزبير بن باطا من بينهم.
وفتح خيبر بعضها صلحا وبعضها عنوة، وشرط على ابن أبي الحقيق ألا يكتم شيئا، فلما ظهر على خيانته وكتمانه قتله. وفتح مكة وأمر بقتل هلال بن خطل، ومقيس بن صبابة، وعبد اللَّه بن سعد بن أبي سرح وآخرين، وقال: اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة. ومنّ على أهل مكة ولم يغنم أموالهم «١».
وأما دليل جواز استرقاق الأسرى الذي كان معاملة بالمثل مع صنيع الأمم الأخرى بعد الحرب: فهو أن الرسول صلّى اللَّه عليه وسلّم استرق بعض العرب كهوازن وبنى المصطلق وقبائل من العرب «٢»، وسبى أبو بكر وعمر رضي اللَّه عنهما

(١) أحكام القرآن للجصاص: ٣/ ٣٩١
(٢) نيل الأوطار: ٨/ ٢ وما بعدها. [.....]


الصفحة التالية
Icon