ونحو الآية قوله تعالى: أَفَمَنْ يَعْلَمُ أَنَّما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ، كَمَنْ هُوَ أَعْمى [الرعد ١٣/ ١٩]، وقوله سبحانه: لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ [الحشر ٥٩/ ٢٠].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- هدّد الحق تعالى بحال الأقدمين، ودعا كفار قريش والناس قاطبة إلى النظر بقلوبهم في مصير الكافرين المكذبين، كيف أهلكهم واستأصلهم، وأعلن صراحة أن للكافرين في كل عصر وجيل أمثال هذه الفعلة، يعني التدمير، أو أمثال عاقبة تكذيب الأمم السالفة، إن لم يؤمنوا.
٢- ذلك الإهلاك والهوان بسبب أن اللَّه تعالى ناصر المؤمنين، وأما الكافرون الذين اتخذوا آلهة لا تنفع ولا تضرّ، وتركوا اللَّه تعالى، فلا ناصر لهم ولا معين يمنع عنهم العذاب.
٣- إن جزاء الفريقين مختلف، فالله تعالى يدخل المؤمنين الذين عملوا الصالحات جنات تجري من تحتها الأنهار، وأما الكافرون فإنهم يتمتعون في الدنيا كأنهم أنعام، ليس لهم همّ إلا بطونهم وفروجهم، ساهون عما في المستقبل، ونار جهنم في الآخرة منزلهم ومقامهم ومسكنهم الذي لا يفارقونه.
قال الرازي: كثيرا ما يقتصر اللَّه على ذكر الأنهار في وصف الجنة، لأن الأنهار يتبعها الأشجار، والأشجار تتبعها الثمار، والماء سبب حياة العالم، والنار سبب الإعدام، وللمؤمن الماء ينظر إليه وينتفع به، وللكافر النار يتقلب فيها ويتضرّر بها «١».

(١) تفسير الرازي: ٢٨/ ٥١


الصفحة التالية
Icon