إلى ما هو الحق الذي يجب اتباعه، مع أنه قد أتاهم من الله البيان الواضح الظاهر بأنها ليست آلهة، وهو هذا القرآن الذي هو الحجة والبرهان من عند الله، على لسان رسوله الذي بعثه الله إليهم، فأعرضوا عنه، ولم يتبعوا ما جاءهم به، ولا انقادوا له.
ثم أوضح الله تعالى أن القضية ليست بالتمنيات والأماني، وأن هذه الأصنام لا تفيدهم في شفاعة عند الله ولا في غيرها، فقال:
أَمْ لِلْإِنْسانِ ما تَمَنَّى، فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى أي بل أيمكن «١» أن يكون للإنسان ما يتمنى؟ ليس كل من تمنى خيرا حصل له، وليس لهم ما يتمنون من كون الأصنام تنفعهم وتشفع لهم، فسلطان الدنيا والآخرة وملكهما والتصرف فيهما لله عز وجل، وليس للأصنام معه أمر في الدنيا ولا في الآخرة «٢» : لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ [النساء ٤/ ١٢٣].
وروى أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا تمنى أحدكم فلينظر ما يتمنى، فإنه لا يدري ما يكتب له من أمنيته».
ثم بيّن الله طريق قبول الشفاعة، فقال:
وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّماواتِ لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشاءُ وَيَرْضى أي وكثير من الملائكة الكرام في السموات، مع كثرة عبادتها وكرامتها على الله لا تشفع لأحد إلا لمن أذن الله أن يشفع له، فكيف بهذه الجمادات الفاقدة العقل والفهم؟! أي إن الملائكة لا تشفع إلا بعد الإذن لها بالشفاعة، وإلا لمن يشاء الله أن يشفعوا له، لكونه من أهل التوحيد، وليس للمشركين في ذلك حظ. قال
(٢) جملة فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولى مسوقة لتقرير جهلهم واتباعهم الظن.