كونهم أطغى فلأنهم سمعوا المواعظ أمدا طويلا، وعتوا على الله بالمعاصي، مع طول مدة دعوة نوح لهم، وأصروا على الكفر واستكبروا استكبارا، مما ألجأه إلى الدعاء عليهم بقوله: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً [نوح ٧١/ ٢٦].
١٥- وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوى، فَغَشَّاها ما غَشَّى أي وأسقط وقلب مدائن قوم لوط، بجعل عاليها سافلها، أهواها جبريل بعد أن رفعها، ثم أمطر الله عليهم حجارة من سجيل منضود، فغطّاها ما غطّاها من الحجارة والعذاب على اختلاف أنواعه، كما قال تعالى: وَأَمْطَرْنا عَلَيْهِمْ مَطَراً، فَساءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ [الشعراء ٢٦/ ١٧٣]. وسميت المؤتفكة، لأنها ائتفكت أي انقلبت بهم، وصار عاليها سافلها.
وهذا الأسلوب من الإبهام فيه تهويل وتفخيم للأمر الذي غشاها، وتعميم للذي أصابهم. قال قتادة: كان في مدائن لوط أربعة آلاف ألف إنسان (أي ١٦٠٠٠ ألفا) فانضرم عليهم الوادي شيئا من نار ونفط وقطران كفم الأتون.
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- خصص الله سبحانه واحدا من المشركين عينه بسوء فعله للعبرة والعظة واستهجان ما فعل من معاوضة غيره في الدنيا بمال قليل، أعطى اليسير منه، ثم منع الباقي، على أن يتحمل عنه آثامه يوم القيامة.
٢- إن نقطة الضعف الأساسية عند هذا، عدا سذاجة عقله الجاهلي البدائي، هو جهله بالغيب، لذا أنكر الله تعالى عليه مبيّنا: أعنده علم ما غاب عنه من أمر العذاب؟!