تتشكك وتمتري؟ مثل قوله تعالى: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ [الرحمن ٥٥/ ١٣]. وهذا ابتداء كلام والخطاب عام لكل إنسان. والمراد بالنعم ما عدده سابقا من الخلق والإغناء وخلق السماء والأرض وما فيهما من نعم مخلوقة للإنسان.
هذا نَذِيرٌ مِنَ النُّذُرِ الْأُولى أي هذا القرآن أو الرسول محمد ﷺ نذير محذوف محذّر من جملة النذر المتقدمة، فالقرآن منذر كالكتب السماوية السابقة، والنبي ﷺ رسول إليكم كالرسل المتقدمين قبله، فإنه أنذركم كما أنذروا أقوامهم، كما قال تعالى: قُلْ: ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ [الأحقاف ٤٦/ ٩] وقال سبحانه:
إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ لَكُمْ بَيْنَ يَدَيْ عَذابٍ شَدِيدٍ [سبأ ٣٤/ ٤٦]
وفي الحديث الثابت: «أنا النذير العريان» «١»
أي الذي أعجله شدة ما عاين من الشر عن أن يلبس شيئا، وبادر إلى إنذار قومه، وجاءهم عريانا مسرعا.
أَزِفَتِ الْآزِفَةُ أي قربت ودنت الساعة الموصوفة بالقرب في قوله تعالى: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ [القمر ٥٤/ ١] وقوله: وَقَعَتِ الْواقِعَةُ [الواقعة ٥٦/ ١] وقوله: اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ [الأنبياء ٢١/ ١] وقوله:
وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ [الشورى ٤٢/ ١٧] وفيه تنبيه على أن قرب الساعة يزداد كل يوم، وأنها تكاد تقوم، فالآية إشارة إلى القيامة لإثبات الأصول الثلاثة على الترتيب: الأصل الأول وهو الله ووحدانيته بقوله: فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى، ثم الرسول والرسالة بقوله تعالى: هذا نَذِيرٌ ثم الحشر والقيامة بقوله: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ.
وجاء في الحديث الذي رواه أحمد عن سهل بن سعد: «مثلي ومثل الساعة كهاتين»
وفرّق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام.
وروى أحمد أيضا والشيخان عن سهل بن سعد قال: سمعت

(١) شبه النبي ﷺ نفسه بهذا الرجل، قال ابن السّكيت: هو رجل من خثعم حمل عليه يوم ذي الخلصة عوف بن عامر، فقطع يده ويد امرأته (النهاية لابن الأثير: ٣/ ٢٢٥).


الصفحة التالية
Icon