رسول الله ﷺ أن يريهم آية، فأراهم القمر شقتين، حتى رأوا حراء (جبل مشهور بمكة) بينهما.
وأخرجا أيضا عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول الله ﷺ فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشهدوا».
وقيل: المراد الإخبار عن أنه سينشق القمر.
ثم أخبر الله تعالى عن موقف الكفار وعنادهم أمام هذه المعجزة، فقال:
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا، وَيَقُولُوا: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ أي وإن ير المشركون علامة على النبوة ودليلا على صدق النّبي صلى الله عليه وسلم، يعرضوا عن التصديق والإيمان بها، ويولوا مكذبين بها قائلين: هذا سحر قوي شديد يعلو كل سحر، مأخوذ من قولهم: استمرّ الشيء: إذا قوي واستحكم، وقيل: مستمر، أي دائم مطرد.
وهذا ردّ على المشركين الذين طالبوا بآية، قال المفسرون: لما انشق القمر، قال المشركون: سحرنا محمد، فقال الله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يعني انشقاق القمر. ثم أكد تعالى موقفهم هذا بقوله:
وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ، وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ أي وكذبوا بالحق إذ جاءهم، واتبعوا ما أملته عليه أهواؤهم وآراؤهم في أن محمدا ﷺ ساحر أو كاهن، بسبب جهلهم وسخافة عقولهم. ثم هددهم تعالى وأخبرهم بأن كل أمر منته إلى غاية مماثلة له، فالخير يستقر بأهل الخير، والشر يستقر بأهل الشرّ، فقوله: وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ
استئناف للرد على الكفار في تكذيبهم، ببيان أنه لا فائدة لهم في ذلك، لأن كل أمر له غاية حتما، وسينتهي أمر النّبي ﷺ إلى غاية يظهر فيها أنه على حق، وهم على باطل.
وفي هذا أيضا تسلية لرسول الله ﷺ وتبشير له بأن النصر سيكون حليفه في الدنيا، وأن له ولأتباعه الدرجة العالية والجنة في الآخرة.