وَلَقَدْ تَرَكْناها أبقينا السفينة أو الفعلة. آيَةً علامة ودليلا لمن يعتبر بها.
مُدَّكِرٍ أي متذكر معتبر ومتعظ. فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ أي إنذاراتي لهم بالعذاب قبل نزوله، وهو استفهام تعظيم ووعيد، وتقرير، والمعنى: حمل المخاطبين على الإقرار بوقوع عذاب الله تعالى بالمكذبين لنوح موقعه. يَسَّرْنَا سهلنا. لِلذِّكْرِ للعظة والاعتبار. مُدَّكِرٍ متعظ بمواعظه.
المناسبة:
بعد أن أجمل الله تعالى الزجر بأخبار الأمم الماضية المكذبة رسلها، أعاد بعض الأنباء وفصلها، وهي قصص أربع: قصة قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط لهدفين: بيان أن حال الرسول ﷺ كحال الرسل المتقدمين مع أقوامهم، ووعيد المشركين من أهل مكة وغيرهم على تكذيبهم رسولهم.
التفسير والبيان:
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ، فَكَذَّبُوا عَبْدَنا، وَقالُوا: مَجْنُونٌ وَازْدُجِرَ أي كذبت قبل قومك يا محمد بالرسل قوم نوح، فإنهم كذبوا عبدنا نوحا عليه السلام، واتهموه بالجنون، وانتهروه وزجروه وتواعدوه عن تبليغ الدعوة بمختلف أنواع الإيذاء والسبّ والتخويف، قائلين: لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ [الشعراء ٢٦/ ١١٦].
وفائدة قوله: فَكَذَّبُوا «١» عَبْدَنا بعد قوله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ هي التخصيص بعد التعميم، أي كذبت الرسل أجمعين، فلذلك كذبوا نوحا. وقوله: عَبْدَنا تشريف وتنبيه على أنه هو الذي حقق المقصود من الخلق وقتئذ، ولم يكن على وجه الأرض حينئذ عابد لله سواه، فكذبوه.

(١) الفاء: فاء تفصيل وتفريع.


الصفحة التالية
Icon