الملك العظيم، الخالق للأشياء كلها ومقدّرها، والمقتدر على ما يشاء، مما يطلبون ويريدون.
أخرج أحمد ومسلم والنسائي عن عبد الله بن عمرو، يبلغ به النبي ﷺ قال: «المقسطون عند الله على منابر من نور، عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولّوا».
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- كل من ارتكب جرما وعوقب بعقاب معين، فإن ذلك العقاب مستحق لأمثال أولئك المجرمين، فليس كفار العرب أو قريش خيرا من كفار من تقدم من الأمم الذين أهلكوا بكفرهم، وليس لهم صك براءة أو وثيقة بالسلامة من العقوبة في الكتب المنزلة على الأنبياء.
٢- زعم كفار قريش أنهم منتصرون على المؤمنين بسبب كثرة عددهم وقوتهم، وضعف المسلمين وقلتهم، غير أن موازين القوى البشرية تختل في ميزان القدرة والحكمة والتوفيق الإلهي: كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ، وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ [البقرة ٢/ ٢٤٩].
لذا قال تعالى هنا: سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ أي سيهزم جمع كفار مكة، وقد كان ذلك يوم بدر وغيره. وهذا من دلائل صدق النبوة، قال ابن عباس: كان بين نزول هذه الآية وبين بدر سبع سنين. فالآية على هذا مكية، بل والسورة كلها مكية كما تقدم. أخرج البخاري عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لقد أنزل على محمد ﷺ بمكة، وإني لجارية ألعب: بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ، وَالسَّاعَةُ أَدْهى وَأَمَرُّ. وقد تقدم حديث ابن عباس وقصة أبي بكر يوم بدر.


الصفحة التالية
Icon