السفن الجارية في البحر التي رفع بعض خشبها على بعض وركّب، ورفعت سواريها وأشرعتها في الهواء كالجبال الشاهقة، فهي تنتقل في البحار بالركاب والحمولات والبضائع والأقوات والأرزاق والآلات من بلد إلى آخر، ومن قطر إلى قطر، حتى بلغت حمولة بعض ناقلات النفط خمس مائة ألف طن، بالإضافة لحاملات الطائرات والبوارج الحربية المدمرة، والغواصات الذرية الرهيبة.
ولو شاء تعالى لجعل البحر ساكنا ولما تمكنت السفن أن تطفو فوق الماء. فقوله:
الْمُنْشَآتُ إما المرفوعات، وإما المحدثات الموجودات. وهذا يدل على كبر السفن حيث شبهها بالجبال، وإن كانت المنشآت تطلق على السفينة الكبيرة والصغيرة. وإنما قال: وَلَهُ الْجَوارِ خاصة، مع أن له السموات وما فيها والأرض وما عليها، لأن أموال الناس وأرواحهم في قبضة قدرة الله تعالى، حيث لا تصرف لأحد في الفلك.
فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ أي فبأي نعم الله تكذبان أيها الإنس والجنّ؟
لقد خلقت هذه النعمة العديدة لكم، أيمكنكم إنكار صناعة السفن الضخمة، أو كيفية إجرائها في البحر، أو دورها في تقريب المسافات والاتصال بين أجزاء العالم المتباعدة، ونقل تجاراته وصناعاته، للاستفادة منها في أقاليم أخرى.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يلي:
١- إن أصل خلق الإنسان من تراب، ثم طين، فحمأ مسنون، ثم لازب، ومرد غذائه إلى التراب والماء، ومصيره في النهاية إلى الأرض التي خلق منها، ثم يخرج منها يوم البعث والمعاد.
٢- وإن خلق أصل الجن من لهب النار، أو من الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد، المختلط بعضه ببعض: أحمر وأصفر وأخضر.