أي خلقنا الحور العين خلقا جديدا من غير توالد، وجعلناهن بكارى عذارى لم يطمثهن قبلهم إنس ولا جان، وكلما أتاهن أزواجهن وجدوهن أبكارا من غير وجع، كما في حديث رواه الطبراني «١»، ومتحببات إلى أزواجهن، وأنشأهن الله لأجل أصحاب اليمين الأبرار الذين آمنوا وعملوا الصالحات. وكرر ذكر أَصْحابُ الْيَمِينِ للتأكيد. والإنشاء: هو الاختراع الذي لم يسبق بخلق، وذلك مخصوص بالحور اللاتي لسن من نسل آدم عليه السلام.
ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ، وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ أي إن أصحاب اليمين جماعة من الأولين، وهم مؤمنو الأمم الماضية، وجماعة من الآخرين، وهم المؤمنون بالنّبي ﷺ إلى قيام الساعة.
ولا تنافي بين قوله: وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ وقوله قبل: وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ لأن قوله: مِنَ الْآخِرِينَ هو من السابقين، وقوله: وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ هو في أصحاب اليمين «٢». وإنما لم يذكر هنا كون الجزاء مقابل العمل، كما فعل في حق السابقين، لأن عمل أصحاب اليمين أقل من عمل السابقين، فلم يحتج للتنويه به، وإشارة إلى أن الله غمر أهل اليمين بالفضل والرحمة والإحسان.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
١- أشاد الله تعالى بأهل اليمين وخصالهم ومنازلهم، ومدحهم مدحا عظيما.
روى الطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن أهل الجنة إذا جامعوا نساءهم عدن أبكارا».
(٢) البحر المحيط: ٨/ ٢٠٧