وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ، وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ
[القيامة ٧٥/ ٢٦- ٢٩].
ثم بيّن الله تعالى مصائر هؤلاء الناس عند احتضارهم وبعد وفاتهم، وجعلهم أقساما ثلاثة فقال:
١- فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ، فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ، وَجَنَّةُ نَعِيمٍ أي إن كان المحتضر أو المتوفى من فئة السابقين المقربين: وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وبعض المباحات، وهم الصنف الأول في مطلع السورة، فلهم راحة، واستراحة وطمأنينة من أحوال الدنيا، ورزق واسع ونعيم في الجنة، وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت. والروح:
الاستراحة، وهو يعم الروح والبدن، والريحان: الرزق، وهو للبدن، وجنة النعيم للروح، يتنعم بلقاء المليك المقتدر. يروى: أن المؤمن لا يخرج من الدنيا إلا ويؤتى إليه بريحان من الجنة يشمه. فاللهم اجعلنا من هؤلاء يا ذا الجلال والإكرام.
٢- وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ، فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ أي وأما إن كان المحتضر أو المتوفى من أهل اليمين: وهم الذين يؤتون كتبهم بأيمانهم، فتبشرهم الملائكة بذلك، وتقول لهم: سلام لك يا صاحب اليمين من إخوانك أصحاب اليمين، لا بأس عليك أنت إلى سلامة، أنت من أصحاب اليمين، وذلك لأنك ستكون معهم، فيستقبلونك بالسلام.
وذلك كما قال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ قالُوا: رَبُّنَا اللَّهُ، ثُمَّ اسْتَقامُوا، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا وَلا تَحْزَنُوا، وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ. نَحْنُ أَوْلِياؤُكُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ، وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ، نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ [فصلت ٤١/ ٣٠- ٣٢].