وهو الظاهر العالي فوق كل شيء، الغالب على كل شيء، والباطن العالم بما بطن، ولا تعرف العقول ذاته على حقيقتها، ولا تدركه الحواس، وهو ذو علم تام بكل شيء، لا يعزب عن علمه شيء من المعلومات.
روى مسلم في صحيحة عن أبي هريرة أن النبي ﷺ قال: «اللهم أنت الأول، فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن، فليس دونك شيء، اقض عنا الدين، وأغننا من الفقر».
هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ أي الله الذي أوجد وأبدع السموات والأرض في أيام ستة الله أعلم بمقدارها، وفي ستة أطوار مختلفة، وهو القادر على خلقها في لحظة، ولكن هذا العدد لتعليم العباد التأني والتثبت في الأمور، ثم استوى على العرش أي الكرسي استواء يليق به، على نحو يريده، مما لا يعلم به إلا هو، وهذا رأي السلف، وهو الأولى احتياطا، ورأي الخلف تأويل الاستواء على العرش بتدبير الأمر وتفصيل الآيات والاستيلاء على مقاليد السلطة.
يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها، وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها أي يعلم كل شيء، يدخل في الأرض من مطر وأموات وغير ذلك، ويخرج منها من نبات وزرع وثمار ومعادن وغيرها، وما ينزل من السماء من مطر وملائكة وغير ذلك، وما يصعد إلى السماء من الملائكة وأعمال العباد الصالحة والسيئة، والدعوات، والأبخرة المتصاعدة ونحو ذلك،
جاء في الحديث الصحيح: «يرفع إليه عمل الليل قبل النهار، وعمل النهار قبل الليل».
ونظير الآية: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ، وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها، وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ، وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام ٦/ ٥٩].