يَوْمَ الْقِيامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ ظرف، وعامله: إما تَنْفَعَكُمْ أو يَفْصِلُ.
ويفصل بينكم المبني للمعلوم تقديره: يفصل الله بينكم، وقرئ مبنيا للمجهول. يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ فيكون بَيْنَكُمْ قائما مقام الفاعل، إلا أنه بني على الفتح، كقوله تعالى: لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ [الأنعام ٦/ ٩٤] أي وصلكم.
البلاغة:
تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ.. عتاب وتوبيخ.
أَخْفَيْتُمْ وأَعْلَنْتُمْ بينهما طباق، فالإخفاء يقابل الإعلان.
المفردات اللغوية:
عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ عدو الله: من كفر به أو أشرك، ولم يؤمن بما أنزل في كتبه وعدو المؤمنين: من خانهم أو أضر بمصالحهم، أو قاتلهم أو عاون على مقاتلتهم، مثل كفار مكة في الماضي والماديين الملحدين الذين لا يؤمنون بوجود الله أو يؤمنون بألوهية أحد من البشر بتأويلات باطلة في عصرنا. أَوْلِياءَ أصدقاء جمع ولي، أي صديق توليه بالسر. تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ تفضون إليهم المودة، والمراد هنا النصيحة بالمكاتبة وإرسال أخبار الرسول ﷺ إليهم. وَقَدْ كَفَرُوا بِما جاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ أي دين الإسلام والقرآن. يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ من مكة بالتضييق عليكم. أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ أي لأجل أن آمنتم، وفيه تغليب المخاطب في عهد التنزيل، والتفات من الخطاب إلى الغيبة، للدلالة على ما يوجب الإيمان، وهو تعليل لقوله: يُخْرِجُونَ أي يخرجونكم لإيمانكم بالله تعالى.
إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغاءَ مَرْضاتِي أي خرجتم من أوطانكم للجهاد في سبيل الله وطلب مرضاته أي رضائه. وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ أي أنا أعلم منكم، والباء في قوله: بِما أَخْفَيْتُمْ مزيدة، وما: موصولة أو مصدرية. وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ يفعل الاتخاذ.
ضَلَّ أخطأ طريق الهدى. سَواءَ السَّبِيلِ السواء في الأصل: الوسط، والمراد هنا الطريق المستوي وهو طريق الحق.
إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يظفروا بكم. وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ بالقتل والضرب. وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ أي بما يسوؤكم بالسب والشتم. وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ تمنوا كفركم. لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحامُكُمْ لن تفيدكم قراباتكم. وَلا أَوْلادُكُمْ الذين توالون المشركين لأجلهم. يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ يفرق بينكم من شدة الهول، فيفرّ بعضكم من بعض. ويفصل بالبناء للفاعل بالتخفيف أو التشديد أي الله عز وجل، وقرئ يفصل بالبناء للمجهول مع التشديد، أو التخفيف، ونفصل ونفصّل.