إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ منصوب على الاستثناء من قوله تعالى: قَدْ كانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْراهِيمَ أي كائنة في سنته وأقواله، إلا قوله لأبيه: لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ. لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ بدل اشتمال من الكاف والميم في لَكُمْ بإعادة الجار.
البلاغة:
رَبَّنا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ تقديم ما حقه التأخير، وهو الجار والمجرور على ما بعده لإفادة الحصر.
الْحَكِيمُ الْحَمِيدُ قَدِيرٌ غَفُورٌ رَحِيمٌ صيغة مبالغة.
المفردات اللغوية:
أُسْوَةٌ قدوة فِي إِبْراهِيمَ أي بإبراهيم قولا وفعلا. وَالَّذِينَ مَعَهُ من المؤمنين.
بُرَآؤُا أبرياء جمع بريء، كظريف وظرفاء، أي متبرئون مما تعملون، فلا نعتد بكم ولا بشأن آلهتكم. وَمِمَّا تَعْبُدُونَ من الأصنام والكواكب وغيرها. وَبَدا ظهر. الْعَداوَةُ ضد الألفة والصداقة. وَالْبَغْضاءُ البغض والكراهة ضد المحبة. إِلَّا قَوْلَ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ مستثنى من قوله: أُسْوَةٌ فليس لكم التأسي به في ذلك، بأن تستغفروا للكفار. وَما أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ أي لا أملك من عذابه وثوابه شيئا، وقوله: مِنْ شَيْءٍ كنى به عن أنه لا يملك له غير الاستغفار، وكان استغفاره له قبل أن يتبين له أنه عدو الله، كما ذكر في سورة براءة.
تَوَكَّلْنا فوضنا أمرنا إليك. أَنَبْنا رجعنا وتبنا. الْمَصِيرُ المرجع والمآب.
فِتْنَةً مفتونين معذبين بأن تسلطهم علينا، فيفتنونا بعذاب لا نتحمله. وَاغْفِرْ لَنا ما فرطنا من ذنب. الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ القوي الغالب في ملكه، الذي يحسن التدبير في صنعه.
لَقَدْ كانَ لَكُمْ أيها المؤمنون أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهو جواب قسم مقدر. أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ قدوة طيبة. وكرر لمزيد الحث على التأسي بإبراهيم. لِمَنْ كانَ بدل من قوله. لَكُمْ قال البيضاوي: فإنه يدل على أنه لا ينبغي لمؤمن أن يترك التأسي بهم، وإن تركه مؤذن بسوء العقيدة، ولذلك عقبه بقوله: وَمَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ أي ومن يعرض عن التأسي بإبراهيم ومن آمن معه ويعص النصيحة، بأن يوالي الكفار، فإن الله هو الغني عن خلقه، المحمود على فعله، الحامد لأهل طاعته، وهذا وعيد يوعد به الكفرة. يَرْجُوا اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ أي يؤمل ثواب الله، ويخاف العقاب، ويخشى أهوال الآخرة.
عادَيْتُمْ من الأقارب المشركين وغيرهم من كفار مكة وغيرها، وتبرأتم منهم طاعة الله تعالى. مَوَدَّةً محبة وصلة، بأن يهديهم للإيمان، فيصيروا لكم أولياء وأصدقاء وأنصارا، وهذا


الصفحة التالية
Icon