له، ومن أصاب من ذلك شيئا، فستره الله، فهو إلى الله، إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له منها».
وروى محمد بن إسحاق وابن أبي حاتم عن عبادة بن الصامت قال: «كنت فيمن حضر العقبة الأولى، وكنا اثني عشر رجلا، فبايعنا رسول الله ﷺ على بيعة النساء، وذلك قبل أن يفرض الحرب، على ألا نشرك بالله شيئا، ولا نسرق، ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، وقال: فإن وفيتم فلكم الجنة».
ثم أكد تعالى النهي عن موالاة الكفار كما بدأ السورة، فقال:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ أي يا أيها المؤمنون برسالة الإسلام لا تتخذوا اليهود والنصارى وسائر الكفار ممن غضب الله عليهم ولعنهم واستحقوا الطرد والإبعاد من رحمته، أولياء وأنصارا وأصدقاء، وقد يئسوا من ثواب الآخرة ونعيمها في حكم الله عز وجل، وأصبحوا لا يوقنون بالآخرة بسبب كفرهم وعنادهم، بالرغم من قيام الأدلة والبينات والمعجزات على الإيمان بالله واليوم الآخر، كيأسهم من بعث موتاهم، لاعتقادهم عدم البعث.
قال ابن عباس: يريد حاطب بن أبي بلتعة يقول: لا تتولوا اليهود والمشركين، وذلك لأن جمعا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود أخبار المسلمين لحاجتهم إليهم، فنهوا عن ذلك، ويئسوا من الآخرة. يعني أن اليهود كذبت محمدا صلى الله عليه وسلم، وهم يعرفون أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنهم أفسدوا آخرتهم بتكذيبهم إياه، فهم يئسوا من الآخرة، كما يئس الكفار من أصحاب القبور، أي كما يئس الكفار الذين لا يؤمنون بالبعث من موتاهم أن يرجعوا أحياء. وسبب يأسهم من الآخرة تكذيبهم بصحة نبوة الرسول صلى الله عليه وسلم.