وقوله: فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ أي فإعتاق رقبة كاملة، أو فعليهم رقبة، والرقبة هنا مطلقة غير مقيدة بالإيمان، فاقتضى ذلك إجزاء عتق رقبة مؤمنة أو كافرة، وبهذا الظاهر قال الحنفية والظاهرية، لأنه لو كان الإيمان شرطا لبيّنه سبحانه كما بيّنه في كفارة القتل، فوجب أن يطلق ما أطلقه الله، ويقيد ما قيده، فيعمل بكل منهما في موضعه، ورأى الحنفية بناء على قواعدهم أن اشتراط الإيمان هنا زيادة على النص، وهو نسخ، والقرآن لا ينسخ إلا بالقرآن أو الخبر المتواتر أو المشهور، ولا يحمل المطلق على المقيد إلا في حكم واحد في حادثة واحدة.
واشتراط الجمهور الإيمان في كفارة غير القتل، كما هو شرط في كفارة القتل الخطأ بنص القرآن، ويحمل المطلق على المقيد، أي يحمل ما أطلق هنا على ما قيد هناك لاتحاد الموجب: وهو عتق الرقبة، واعتضد في ذلك بما رواه مالك بسنده عن معاوية بن الحكم السّلمي في قصة الجارية السوداء،
وأن رسول الله ﷺ قال: «أعتقها فإنها مؤمنة» «١».
وضمير مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا للمظاهر والمظاهر منها المعلومين من الكلام السابق، والتّماس: كناية عن الجماع، فيحرم الجماع قبل التكفير، ومقدمات الجماع كالتقبيل ونحوها حرام أيضا عند الحنفية، لأن طريق الحرام حرام، وليست بحرام في الأظهر عند الشافعية، لأن تحريم الجماع لا صلة له بعقد الزواج، فإن الحائض يحرم جماعها دون دواعيه، والصائم يحرم منه الوطء دون دواعيه.
فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا أي فمن لم يجد الرقبة في ملكه، ولا تمكّن من ثمنها أو قيمتها زائدا عن قدر كفايته، أو لم يجد