ونظير الآية قوله تعالى: أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ، فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ، تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ، فَإِذا ذَهَبَ الْخَوْفُ، سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ، أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ، أُولئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا، فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ، وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً
[الأحزاب ٣٣/ ١٩].
روى الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «إن للمنافقين علامات يعرفون بها: تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد إلا هجرا، ولا يأتون الصلاة إلا دبرا، مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون، خشب بالليل، صخب بالنهار».
فقه الحياة أو الأحكام:
دلت الآيات على ما يأتي:
١- إن الإيمان تصديق القلب، والكلام الحقيقي كلام القلب، ومن قال شيئا واعتقد خلافه فهو كاذب، فالمنافقون كاذبون، لأنهم يقولون غير ما يعتقدون. وهذا مستنبط من الآية الأولى المتضمنة أن المنافقين يشهدون أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، اعترافا بالإيمان، ونفيا للنفاق عن أنفسهم، وهم في هذا لم يضيفوا شيئا جديدا للحقيقة، فالله يعلم أن محمدا رسول الله كما قالوا بألسنتهم، ولكنه يشهد أنهم في ضمائرهم كاذبون، وإن أظهروا الشهادة بالإسلام وبتصديق النبي صلى الله عليه وسلم، وحلفوا بألسنتهم.
٢- لا يبالي المنافقون بالحلف كذبا، ويصدون عن الدخول في الإسلام، فقد اتخذوا بقيادة عبد الله بن أبي أيمانهم وقاية وسترا من الناس، يتقون بها تطبيق أحكام الكفرة عليهم من القتل والسبي واغتنام الأموال، فاغتر الناس بهم وظنوا أنهم مسلمون، فقلّدوهم، فأدى صنعهم هذا إلى صد الناس، من اليهود والمشركين عن الدخول في الإسلام، ومنعهم من الجهاد بسبب تخلفهم واقتداء